تصل الدكتورة دوسو توريه إلى عملها في مركز كولياه الطبي، تغسل يديها من دلو مثبت أمام المبنى، ثم تتوجه إلى منطقة الفحص حيث يتم أخذ درجة حرارتها وتسجيلها، ولا تدخل إلا حينذاك إلى المرفق المكتظ الذي تشرف عليه.
"لقد أضحى الإيبولا تحت السيطرة الآن، ولكننا نسعى إلى استمرارية نظم الوقاية من العدوى ومكافحتها التي جرى العمل بها أثناء الفاشية"، قالت الدكتورة توريه ذلك مشيرةً إلى العديد من صناديق المهملات المتينة ذات الألوان الزاهية، والتي خُصص كل واحد منها للتخلص من مواد النفايات المختلفة.
تتذكر الدكتورة توريه عندما بدأ المرضى الذين بدت عليهم أعراض الإيبولا في التوافد لأول مرة إلى المستشفى، وتصف تصميم فريق العمل التابع لها على مساعدة القادمين في خضم الارتباك والذعر والممارسات المحفوفة بالمخاطر.
"في البداية لم تتوافر لنا مستلزمات الحماية ولا المعرفة بكيفية المحافظة على سلامة أنفسنا أو سلامة مرضانا"، يسترجع مدير المرفق الوضع مضيفاً "لم يكن هناك مكان لفحص المرضى عند مجيئهم للمستشفى أو لفصلهم إذا انطبق عليهم تعريف حالة الإصابة بفيروس الإيبولا. ومن ثَمَّ كان الجميع محتشدين في مكان واحد ومعرضين للخطر—المرضى، وأسرهم، والزائرين، والعاملون الصحيون."
وفي النهاية نصب موظفو المركز خيمةً في فناء المبنى لعزل الحالات المشتبه في إصابتها بالإيبولا.
تقول الدكتورة توريه "كنا نحاول تقديم الرعاية للمرضى في تلك الخيمة، وكنا نبقيهم فيها لحين التمكن من نقلهم إلى وحدة علاج الإيبولا، ولكن الأمر كان صعباً جداً. إذ لم يوجد في المدينة في ذلك الحين سوى سيارتي إسعاف، وكان وصولهم إلينا يستغرق ست ساعات، وأحياناً ضعف ذلك. وأصاب المرضى التعب من الانتظار في الخيمة وكانوا يتمشون حولها. وكانوا في بعض الأحيان يغادرون المستشفى، ولم يوجد بوسعنا ما نستطيع فعله لإثنائهم عن ذلك."
وسرعان ما بدأ مركز كولياه الطبي في الحصول من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة بغينيا والشركاء على معدات الحماية الشخصية، ومستلزمات الإصحاح والنظافة، علاوةً على التدريب على تدابير الفرز وسائر تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها. وفي آذار/ مارس 2015 شرعت المنظمة في تشييد حجرة فرز دائمة بالمرفق أصبحت تُستخدم بحلول الصيف في فصل الحالات المشتبه في إصابتها بالإيبولا وفحصها وتقديم الرعاية لها قبل نقلها إلى مركز رعاية الإيبولا. وتم الاستغناء عن الخيمة.
وحجرة العزل والتحويل الموجودة بالقرب من مدخل مركز كولياه الطبي واحدة من 12 حجرة قامت المنظمة ببنائها في العام الماضي في المرافق الصحية الغينية المنقوصة الموارد التي لم تتوافر بها هياكل لخدمات الفرز. ويجري إنشاء ثمان حجرات أخرى كي تُستخدم من أجل أي أمراض شديدة العدوى، بما فيها الإيبولا.
وفي هذا اليوم يصل المشرفون على الوقاية من العدوى ومكافحتها التابعون للمنظمة إلى مركز كولياه الطبي في زيارة متابعة. وحجرة الفرز خالية من المرضى المحتاجين للعزل. وفي جزء آخر من المرفق يتم إعطاء أطفال تتلوى أجسامهم قطرات مكافحة شلل الأطفال، في إطار حملة كانت قد نُحيت جانباً إبَّان فاشية الإيبولا. وعلى الجانب المتاخم ينتظر المرضى تحت مظلة لاستشارة الممرضات والأطباء.
أيساتو باري وبينفينو هوندجو من منظمة الصحة العالمية يلتقيان الدكتورة توريه وأفراداً من فريق موظفيها لاستعراض أنشطة الوقاية من العدوى ومكافحتها، وتقديم الإرشادات، وضمان الالتزام بالمعايير. وهم يناقشون اليوم المسائل المتعلقة بإمدادات المياه والطاقة في المرفق، ويتفقدون مخزون القفازات والعباءات والصابون ومطهرات الأيدي وسائر مواد التنظيف، وأدوات الحماية الشخصية.
قامت مراكز الاتصال المعنية بالوقاية من العدوى ومكافحتها بالمنظمة والوكالات الشريكة، بالتنسيق مع السلطات الصحية المحلية، بإجراء زيارات متابعة مماثلة لمراكز صحية في 5 تقسيمات إدارية في كوناكري و33 منطقة عبر البلد. وشارك ما يزيد عن 2700 عامل صحي في الأنشطة التدريبية التي نظمتها المنظمة على أعمال الفرز، وإدارة النفايات، وإدارة المخزون والتخزين، والإجراءات الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها. وحصل 430 عامل منهم على تدريب إضافي من المنظمة على تقديم الدعم والإرشاد الميداني المنتظم بشأن الوقاية من العدوى ومكافحتها في المرافق الطبية بمجتمعاتهم المحلية.
يقول الدكتور جلبرت كايوكو المشرف على برامج الوقاية من العدوى ومكافحتها التابعة للمنظمة في غينيا "إن التأكد من تنفيذ الممارسات الروتينية للوقاية من العدوى ومكافحتها هو المفتاح للوقاية من سريان الإيبولا أو أي مرض معدٍ آخر من مريض إلى آخر وللمحافظة على سلامة العاملين الصحيين وحمايتهم."
تقول الدكتورة توريه أن فريق العمل التابع لها في مركز كولياه الطبي لم يعد خائفاً من الإيبولا ومستعد للاستجابة للحالات الجديدة.
وتقول "لا يزال لدينا فاشيات إيبولا محدودة في بلدنا ولكننا على ثقة، في ظل إجراءات الفرز المناسبة المتبعة في الوقت الراهن والكثير من التدريب والدعم، من أننا نستطيع التعامل مع عودة الإيبولا أو سائر الأمراض المعدية إلى الظهور. ويجب أن نكون مستعدين للكوليرا والالتهاب السحائي أيضاً."